هناك دوماً طرق مختلفة لتقديم يد العون والمساعدة للآخر أكثر بكثير من مجرد النقر على زر لتقديم تبرع مادي.ونتعرف من خلال السطور التالية على سُبل أخرى تنتهجها بعض الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، استناداً إلى خبراتهم ومهاراتهم، لتقديم المساعدة لبيروت. بقلم: رايتشل ماك آرثر.

إن حجم الانفجار المأساوي الكبير، الذي شهدته العاصمة اللبنانية بيروت، لم يسبق أن عاصرته المدينة من قبل على مدى الفترات العصيبة الأخيرة من تاريخها، وذلك وفقاً للمعلومات الواردة في التقارير المنشورة على نطاق واسع حول تلك الحادثة. إن لبنان، التي تشهد بالفعل صراعاً سياسياً داخلياً وحالة من عدم الاستقرار الاقتصادي علاوة على انتشار وباء فيروس كورونا، في حاجة لأن توحد المنطقة جهودها لتقديم المساعدة الماسة كي تخرج لبنان من هذه الأزمة.

وفي الوقت الذي تبذل فيه المنظمات الخيرية العاملة على الأرض ومن دول أخرى مثل الصليب الأحمر اللبناني والهلال الأحمر الإماراتي،قصارى جهدها لتوزيع المساعدات على الأفراد والمناطق المتضررة جراء الانفجار، نجد أن هناك حاجة ماسة لدعم هذه المناطق من خلال القيام بأعمال إغاثة وتقديم مساعدات إنسانية أكثر من مجرد النقر على زر لتقديم تبرعات مالية. وعلاوة على ضمان وصول أموال الدعم للمنظمات والهيئات،التي يمكن أن تضمن بدورها التوزيع العادل لهذه الموارد، تستخدم بعض الشركات الناشئة، وشركات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خبراتهم العملية ومهاراتهم لإيجاد وسائل إضافية لتقديم العون والمساعدة. ونٌقدم فيما يلي بعض النماذج المُلهمة، التي استعانت ببعض الوسائل المبتكرة.

الاستعانة بوسائل التكنولوجيا لدعم الجهود الإنسانية

في وقت سابق من هذا الشهر، قدمت منصة حوار الشرق الأوسط نبذة عن حساب "لوكايت فيكتمز بيروت " على موقع "إنستجرام"، وهي عبارة عن منصة يٌشرف عليها مجموعة من الشباب تم إطلاقها على الفور بعد الانفجار لمساعدة الأشخاص في العثور على أحبائهم المفقودين.وحذا آخرون حذو هؤلاء الشباب مستغلين ما لديهم من معرفة وخبرات لتدشين منافذ عبر الإنترنت لتقديم المساعدة وإحداث فارق في ظل الموقف المتأزم.

وتعتبر "بيروت هووم فايندر " من بين الأمثلة على هذه الجهود، حيث تعمل كحلقة وصل بين الأشخاص، الذين تٌركوا بلا مأوى بعد الحادث، ومضيفين على مقربة منهم على استعداد لإيوائهم في منازلهم.
When there’s a will theres a way_Beirut-Home-Finder

ومن جانبها، تركز شركة "أوبن ماب لبنان "، وهي عبارة عن مجموعة من المتخصصين في رسم الخرائط، على توفير واستغلال البيانات المكانية المفتوحة في البلاد.ومن ثم، تساعد الشركة بما لديها من مهارات رسم الخرائط المنظمات الإنسانية العاملة على الأرض للتنسيق مع المنظمات الأخرى لتفادي تكرار بذل الجهود في نفس المناطق ومعالجة أي فجوة في جهود الإغاثة والمساعدات في مناطق أخرى.

قامت نادين مكارم وملك ياقوت بتأسيس شركة "ذا فولانتير سيركل " في عام 2017 بهدف تنسيق الجهود بين أفراد مجتمع "المتطوعين والمنخرطين في الخدمة المجتمعية والباحثين عن اكتساب الخبرات والأفراد متعددي المواهب لتقديم العون في أي من المواقف التي تكون في أمس الحاجة إلى جهودهم".وتركز المنصة، التي تديرها الشركة في الوقت الحالي ، على الموقف في بيروت مع العمل بصفة مستمرة على تحديث كافة الموارد المتاحة.

وتعتبر منصة "ليف لاف لبنان " من المنصات، التي تقوم بجهود مماثلة ويتولى إدارتها مؤسسها رالف ساد، الذي دشن قسماً خاصاً يحمل عنوان "إعادة بناء لبنان " يعمل على ربط "الأشخاص الأكثر تضرراً في بيروت بالتبرعات والمتطوعين."

تخفيف الطلب على الرعاية الطبية غير العاجلة

في ظل تسبب الانفجار في تدمير أربعة مستشفيات رئيسية في العاصمة اللبنانية، نجد أن نظام الرعاية الصحية في بيروت أصبح مُنهكاً بدرجة كبيرة، الأمر الذي يثير المخاوف بشأن قدرة المدينة على التعامل مع الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19.

ويوفر موقع "الطبي"الأردني خدمة حجز الاستشارات الطبية الشخصية عن بٌعد للحالات العاجلة لكافة المقيمين،مما يسمح للمرضى بالتواصل بصورة مباشرة مع الأطباء عبر المكالمات الصوتية والمحادثات.ويمكن لأي شخص في لبنان استخدام هذه الخدمة سواء عبر الإنترنت من خلال الرابط altibbi.com/consultation أو عن طريق تنزيل تطبيق الهاتف الذكي. وتتعهد الشركة الناشئة بإتمام الربط بين الأطباء والمرضى "في غضون دقائق معدودة".
Altibbi-Beirut

ومن جانبه، يقول الرئيس التنفيذي لشركة "الطبي" جليل اللبادي:"لقد أثبتت الخدمات الصحية عن بُعد أهميتها الكبرى لما يميزها من سمة تجاوز حدود المكان وتوفير الدعم الطبي لعامة الشعب في أي مكان.ونأمل أن تساهم هذه المبادرة، التي تقدمها "الطبي"، في تخفيف العبء على المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية من خلال توفير المساعدة الطبية عن بُعد. وسوف يستفيد من هذه الخدمة بشكل كبير الحالات، التي لا تتطلب عناية شخصية فورية أو تلك التي تحتاج إلى متابعة طبية."

على الرغم من أن شركة التكنولوجيا الدولية ميديكوس للذكاء الاصطناعي ليست شركة ناشئة أو شركة مشروعات صغيرة أو متوسطة، إلا أنها تمتلك مكتباً في بيروت تعرض لأضرار كبيرة جراء الانفجار. ومن ثم، دشن الفريق الطبي المتميز الخاص بالشركة،والمكون من تسعة أفراد، برنامج "كير فور بيروت "، الذي يقدم أيضاَ استشارات طبية مجانية. ويتضمن البرنامج قسماً خاصاً يمكن من خلاله للأطباء من أي مكان في العالم التقدُم للتطوع بوقتهم والمساعدة في تقديم الاستشارات الطبية.

وتوضح رئيسة إدارة التسويق والمحتوى بشركة ميديكوس للذكاء الاصطناعي سيرين توما قائلة:" تُعد الاستشارات عبر الإنترنت هي أفضل طريقة لمنع انتشار فيروس كورونا،علاوة على كونها مفيدة للأشخاص الباحثين عن خدمات الصحة النفسية. ونأمل من خلال ما نُقدمه من خدمات أن نعمل على تقليل الضغط على المستشفيات وتشجيع الأشخاص، الذين يعانون من حالات أقل خطورة، على التحدث إلى الطبيب عبر الإنترنت."

بيانات متاحة تتسم بالشفافية

بعض مشروعات ريادة الأعمال دفعها نشاطها للعيش والعمل في مناطق اعتاد فيها الجمهور على عدم الحصول على إجابات من حكومته.
My-Say-Beirut

تصف شركة "ماي ساي " الناشئة الموجودة في منطقة جل الديب نفسها بأنها عبارة عن"فريق من رواد الأعمال المخضرمين يحملون العديد من الأفكار و الحلول في جعبتهم" ويعملون على "بناء مستقبل الديمقراطية".ويُقدم تطبيق "ماي ساي" الخاص بالشركة استطلاعات رأي ورؤى متعمقة من خلال القسم الخاص حول انفجار بيروت، حيث قام التطبيق بجمع بيانات عن كل شيء بداية من الأضرار الجسدية ووصولاً إلى الصحة العقلية للسكان.وتشارك شركة "ماي ساي" كل ما لديها من بيانات مع المتبرعين من الأفراد والمنظمات، الذين لديهم المقدرة على تقديم المساعدة المطلوبة عن نحو سريع.

مبدعون يقدمون المساعدة لزملائهم

لم تكن الشركات الناشئة وشركات المشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من الكيانات بمنأى عن أثار انفجار بيروت، حيث تهدمت مكاتب بعض الشركات بل وفقدت أخرى مواردها. ويعد القطاع الإبداعي، وفقاً للتقارير المتوفرة، هو أحد أكثر القطاعات تضرراَ بهذا التفجير.

يتعين على من يعيشون في ظروف أفضل أن يوحدوا جهودهم لتقديم خدمات الإغاثة. وفي هذا الصدد، تقوم شركة "آرت بريث " بعمل تحديثات مستمرة حول المبادرات، التي يديرها المشهد الفني والثقافي لمساعدة المبدعين الآخرين.
Art-Breath-Beirut

وفي الوقت نفسه، يتبرع أعضاء مجلس إدارة الشباب الخاص بجمعية العلاقات العامة في الشرق الأوسط (ميبرا ) بوقتهم مجاناً لأي منظمة غير حكومية مقرها بيروت أو مؤسسة خيرية أو شركة محلية تحتاج إلى مساعدة في مجال الاتصالات التسويقية خلال هذه الفترة. ويقدم المتطوعون خدمات مثل كتابة النصوص والتحرير أو الترجمة.

وتقول عضو مجلس الإدارة ندى البرشومي: "إن حشد جهود المجتمع على الأرض وتسليط الضوء على قصة لبنان على صعيد المجتمع الدولي هو أمر بالغ الأهمية للمساعدة في خلق الوعي المطلوب وإحداث موجة تغيير البلاد في أمس الحاجة إليها حالياً. ونأمل أن نتمكن من مساعدة الجهود المبذولة من خلال هذه المبادرة."

يستضيف مركز دبي للتصوير الفوتوغرافي "جلف فوتو بلس " معرضاً على الإنترنت يضم أعمال أكثر من 60 فناناً من المتخصصين في الفنون المرئية من لبنان والشرق الأوسط ومختلف دول العالم. وستذهب جميع عائدات الصور المباعة إلى الصليب الأحمر اللبناني.

تتولى مصممة الخطوط اللبنانية نادين شاهين عملية تدشين تصميم خط طباعي جديد للمساعدة في جمع التبرعات المالية لصالح ضحايا بيروت.يضم التصميم الجديد، الذي يحمل اسم "لي بيروت"، أكثر من 300 رمز من إبداع 157 مصمماً متخصصاً في فن الخطوط من كافة أنحاء العالم.
Li-Beirut-Font-Digital-Ink-Media-McArthur

إعداد وجبات طعام للمتضررين

حذرت صحيفة "وول ستريت جورنال " في وقت سابق من هذا الشهر من خطر يلوح في الأفق متمثلاً في قرب انتشار الجوع على نطاق واسع في لبنان، حيث أسفرت انفجارات بيروت عن تدمير صوامع الحبوب، التي تخزن معظم إمدادات القمح في لبنان.ومن الجدير بالذكر أن ما يقرب من 85٪ من واردات الغذاء تصل عادة إلى الميناء البحري، الذي تضرر بشدة في الوقت الحالي.

قام مطعم أكل ِ ة المجتمعي،الذي يركز عادة في نشاطه على توظيف طاهيات من ريف لبنان، بتدشين مبادرة "كوك فور بيروت"، وهي مبادرة تضم مجموعة من المتطوعين، الذين يقومون بإعداد وتوزيع وجبات ساخنة على الأشخاص الأكثر ضعفاً من المتضررين من الانفجار.

وفي الوقت نفسه، قامت جيسي سي. داو بإعداد دليل على شبكة الإنترنت يحمل عنوان "فيل زير فريدج " يضم أسماء المنظمات غير الربحية، التي تعمل في مجال توزيع الطعام على من هم في أمس الحاجة إليه.
Fill-Their-Fridge-Beirut-Digital-Ink-Media-McArthur

هل أنتم شركة ناشئة أو شركة تدير مشروعات صغيرة أو متوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل على مساعدة المجتمع اللبناني بشكل أو بآخر؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فيمكنكم مراسلتنا عبر أي من قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بمنصة حوار الشرق الأوسط على @mideastexchange