بحث
معالي العسعوسي.. الهجرة إلى الأمل

لم تكن معالي العسعوسي، من الكويت، تتخيل أن حياتها سوف تُقلب رأساً على عقب، وأنها سوف تترك حياة الأمان والرفاهية وتهاجر إلى مكان يستشري فيه البؤس والفقر والأمية والمرض. حدث ذلك في العام 2007 حين سافرت إلى اليمن في مهمة عمل لدراسة تنفيذ مشروع جديد هناك. كانت تلك أول مرة تزور فيها معالي اليمن؛ فصدمت لما شاهدته من بؤس وتردي في الأوضاع المعيشية، عندها أدركت أنها وجدت رسالتها في الحياة، فودعت حياتها السابقة بلا عودة، ودخلت معترك العمل الإنساني من أوسع أبوابه، بعدما اتخذت اليمن مستقراً لها، لتصبح البلاد بلادها وأهل البلاد أهلها. كان تعرف أن تحديات كثيرة كانت تنتظرها، لكنها كانت واثقة بأنها أهلٌ للتحدي، وأهلٌ لصنع الأمل.

في البداية، أسست معالي مبادرة "تمكين" التي سعت من خلالها إلى تحسين نوعية الحياة والارتقاء بالمستوى المعيشي للأسر الفقيرة هناك، مع التركيز على المرأة والطفل بالدرجة الأولى، كما دعمت تأسيس العديد من المشاريع التنموية غير الهادفة للربح. ثم انضمت إلى جمعية "العون المباشر" الكويتية لتدير عمليات الجمعية الإغاثية والتنموية في اليمن. عاشت معالي البؤس والفقر، ولمست حجم معاناة الناس عن قرب، لتمد يدّ العون الحانية لكل طالب حاجة، ولتترك بصمة خير في كل مكان تطأه.

تنطوي تجربة معالي على سجل غني من العطاء الممدود، من خلال العديد من المبادرات والمشاريع التي ساهمت، ولا تزال، في تحقيق نقلة نوعية في حياة قطاع عريض من المجتمع اليمني، فنفذت 15 مشروعاً مائياً استفاد منها أكثر من 45 ألف شخص، كما نظمت 30 حملة إغاثية لأكثر من 250 ألف شخص، ووفرت أكثر من 600 منحة دراسية، وساهمت في تمكين أكثر من ألف أسرة، كما ساهمت في إجراء أكثر من 5000 عملية جراحية لمكافحة العمى.

بعد عشر سنوات من تكريس حياتها بالكامل لشعب اليمن، لا تزال طريق العطاء بالنسبة لمعالي طويلة، لكنها تعرف أنها لن تتوقف، فقد غرست شجرة أمل، وها هي الشجرة تورق وتثمر، ومنها تنبت أشجار أمل أخرى، تأمل معالي أن تغطي مختلف أنحاء اليمن.

قد يتساءل أحدهم لماذا اختارت الكويتية معالي اليمن مكاناً لصنع الأمل. الجواب ببساطة، كما تقول معالي: أنا لم أختر اليمن، اليمن هو الذي اختارني!