بحث
موارد الطاقة المتجددة، والمستقبل

لن تقضي الكثير من الوقت في إحدى بيئات تنمية الأعمال التجارية في قارة أفريقيا في عام 2018 قبل أن تدرك أن هناك مشكلات حقيقية تتعلق بإمدادات التيار الكهربائي.

منذ عام 2016، يعيش 625 مليون نسمة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بدون مصدر للتيار الكهربائي، وهي حقيقة تمثل تحديًا كبيرًا لتحقيق التنمية وتأسيس الشركات التجارية.

يعتبر انخفاض الكثافة السكانية واحدًا من بين عوامل أخرى تعوق تنمية إمدادات الطاقة، فعلى سبيل المثال، جمهورية الغابون، تلك الدولة التي تعادل مساحتها المملكة المتحدة، يعيش بها فقط 1.5 مليون نسمة، الأمر الذي يزيد كثيرًا من تكلفة إنشاء شبكة لإمدادات الطاقة الكهربائية لكل نسمة.

إذًا ما هو الحل؟ يقول رضا الشعار، "الحل هو موارد الطاقة المتجددة".

رضا، لبناني الجنسية، هو الرئيس التنفيذي لشركة Access Power، مقرها دبي، وهي إحدى الشركات المتخصصة في توفير إمدادات الطاقة المستدامة إلى الأسواق الناشئة والحدودية.

بدأ رضا حياته المهنية في شركة يونيليفر Unilever، ولكن بعد عامين ونصف فقط، انتقل إلى العمل في مجال البنية التحتية في شركة Acwa Power، شركة الطاقة غير الحكومية الأكبر في المنطقة منذ 10 سنوات.

كان قطاع الطاقة المتجددة لا يزال في بداية عهده في الشرق الأوسط، عندما بدأ رضا في دراسة واحدٍ من مشروعات الطاقة الشمسية المقرر إقامته في أبو ظبي؛ مشروع "شمس 1".

"أذكر أنني قمت بتصميم إحدى العروض التقديمية، وحاولت إقناع مجلس الإدارة بالاستثمار في هذه التكنولوجيا الناشئة الجديدة".

منذ ذلك الحين، أصبح شمس 1 هو مشروع الطاقة المتجددة الأكبر في منطقة الشرق الأوسط، وأصبح رضا واحد من الخبراء الإقليميين في مجالات مصادر الطاقة المتجددة.

يقول رضا، "بعد ذلك، أصبحت السوق مليئة بالكثير والكثير من مشروعات الطاقة المتجددة، في المغرب، وجنوب إفريقيا، وبلغاريا، والأردن، وأصبحت الرئيس التنفيذي لشركة Acwa Power لموارد الطاقة المتجددة، حيث عملت على توفير 500 ميغاواط من الطاقة المتجددة".

استقال رضا من منصبه في شركة Acwa Power منذ خمس سنوات ليبدأ مشروعه الخاص المستقل لإنتاج الطاقة (IPP) الذي يركز على الأسواق الناشئة حيث لا يغلُب استخدام موارد الطاقة المتجددة.

اليوم، لدى شركة Access Power مشروعات في 8 بلدان في وسط آسيا، و15 دولة إفريقية، بإجمالي قدرة كهربية تصل إلى 1,500 ميغاواط.

يعتبر رضا واحدًا من الشباب العربي الأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط، وهو مثال حي على الإصرار على تحقيق النجاح في عالم الشركات، حيث واجهته إحدى المشكلات، فدوَّن بعض الملاحظات، ومن ثم بدأ في دراسة إمكانية الاستفادة من موارد الطاقة المتجددة.

أهمية موارد الطاقة المتجددة

ربما تتساءل، "لماذا موارد الطاقة المتجددة"، وإجابة رضا هي أنه ادرك حينها وجد المجال المناسب لتحقيق ذاته، ليصبح واحدٌ من الخبراء الأوائل في هذا المجال الناشئ في منطقة الشرق الأوسط.

"إن نظرت للأمر منذ 10 سنوات، سوف تلحظ ذلك الرابط المباشر بين رغبتك في الحفاظ على البيئة، ورغبتك في تحقيق الفائدة الاقتصادية، وأعني بالفائدة الاقتصادية رغبتك في إنتاج القدرة الكهربائية بأقل تكلفة ممكنة، أم ترغب في إنتاج القدرة الكهربائية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على البيئة! عليك الموازنة بين الأمرين، فمنذ زمنٍ غير بعيد، ربما كان عليك سداد الأموال مقابل الحصول على الطاقة النظيفة.

"اليوم، لم تعد تحتاج إلى تلك الموازنة، في الوقت الذي أصبحت فيه الطاقة النظيفة وموارد الطاقة المتجددة المصدر الاقتصادي للحصول على الطاقة، مما يجعل حياتنا أسهل بكثير، وربما تفكر الآن، "أرغب في الموازنة بين الأمرين؛ الحصول على طاقة نظيفة، وفي الوقت نفسه، بتكلفة معقولة".

من بين المشروعات الجاري تنفيذها مشروع بنبان، وهو مشروع إنتاج الطاقة الكهربائية من الخلايا الكهروضوئية الشمسية بقدرة 126 ميغاواط-بيك في محافظة أسوان بمصر، ذلك المشروع الذي من المخطط الانتهاء منه في العام الجاري، فالتحديات التي تواجهنا في شمال أفريقيا مختلفة تمامًا عن تلك التي تواجهنا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث يوضح رضا، "تمتلك مصر واحدة من أفضل شبكات نقل الكهرباء في المنطقة، وهذا المشروع يهدف إلى تنويع مصادر الطاقة الكهربية، بصورة أكبر من الربط البيني لتلك الشبكات".

تمثل مشروعات توليد الطاقة الكهربية من الطاقة الشمسية مصدرًا جديدًا للطاقة، وكذلك هي طريقة لتنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن المصادر التقليدية مثل مشروع الطاقة الكهرومائية بأسوان، السد العالي.

كذلك، تواجه منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مشكلة في تنويع موارد الطاقة، لذلك ينبغي إيجاد طريقة لسد تلك الفجوة في موارد الطاقة.

تعاني دولة زامبيا، التي تعتمد على مصادر الطاقة الكهرومائية لتوفير 96% من احتياجاتها من الطاقة الكهربية، من نقص كبير في إمدادات الكهرباء منذ تسببت الأمطار الغزيرة في تباطؤ توليد الكهرباء في عام 2016، ولكن تمكنت شركة Access Power من توفير حل مناسب على صورة مشروع لتوليد الطاقة الكهربائية من الرياح، المقرر الانتهاء منه في عام 2019.

تبع هذا عملية يشير إليها رضا "عرض تقديمي إلى محطة لتوليد الطاقة الكهربائية"، حيث يوضح، "كل محطة لتوليد الطاقة الكهربائية تبدأ بعرض تقديمي باستخدام برنامج باوربوينت".

أجرت الشركة دراسة موسعَّة لتخطيط موارد دولة زامبيا، لمعرفة مدى إمكانية توليد الكهرباء من طاقة الرياح، تبعها تقديم المشروع إلى الحكومة الزامبية، والحصول على التمويل اللازم لإنشاء المحطة الأولى لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح التي يجري تنفيذها.

إذًا، السؤال الذي يطرح نفسه، "هل موارد الطاقة المتجددة هي الحل المحتمل لتلبية احتياجات قارة إفريقيا من الطاقة الكهربائية؟" يقول رضا، "ليس فقط الحل المحتمل، ولكنه الحل الأوحد كذلك".

يقول رضا، "موارد الطاقة المتجددة هي الحل الأوحد، نظرًا للتأثير النمطي، فعلى النقيض من بقية مناطق العالم التي تمدَّنَت بشكل سريع خلال القرن العشرين، لا يزال غالبية سكان منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعيشون في مجتمعات ريفية، مما يجعل من الصعب ربط تلك المناطق بالشبكات القومية لتوزيع الكهرباء، ولكن يمكننا توفير الطاقة الكهربية بالاستفادة من الموارد المتجددة.

يقول رضا، "يمكنك إنشاء محطة صغيرة للغاية في قرية صغيرة، فعلى سبيل المثال، لدينا محطة لتوليد الكهرباء بقدرة 10 ميغاواط-بيك في أحد المواقع الذي يبعد عن العاصمة الأوغندية 7 ساعات، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه بالكفاءة نفسها بإنشاء محطة حرارية".

تسعى شركة Access Power لتوسعة نطاق أعمالها باستكمال المشروعات الجارية في نيجيريا، ومالي، وكازاخستان، وأرمينيا، وبمجرد الانتهاء من التوسعة الجغرافية، يأمل رضا في أن تبدأ الشركة في تنويع طبيعة المشروعات لتشمل مشروعات قطاعات البنية التحتية الأخرى، بدايةً بالمدارس والمستشفيات، وانتهاءً بالتعدين.

يقول رضا، مقدمًا المشورة، ومشجعًا للآخرين الذين يطمحون ليصبحوا مثله يومًا ما، "هؤلاء لا يحتاجون إلى تشجيع مني، فالجميع يرغب في خوض مجالات الطاقة المتجددة اليوم"، ولكن يسلط رضا الضوء على مبادرة لشركة Access Power، وهي مرفق Access للتنمية المشتركة، وهي مسابقة سنوية يشارك بها رواد الأعمال من الشباب في البلدان التي تعمل بها شركة Access Power يحصل الفائز فيها على فرصة التمويل وتوفير المرافق اللازمة لتنمية مشروع الطاقة المتجددة الخاص به، حيث قدمت المبادرة حتى الآن الدعم اللازم لمشروعات توليد الطاقة الكهربية من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية في 9 بلدان إفريقية مختلفة.