بحث
من هي السيدة التي تُنقذ أحصنة السباقات في الإمارات العربية المتحدة؟

حاورت باميلا كسرواني ياسمين السيد، مؤسسة "رايد تو ريسكيو" التي حوّلت شغفها بالأحصنة إلى عمل يومي لإيوائها والاهتمام بها.

طالما كانت الأحصنة جزءاً لا يتجزأ من حياة ياسمين السيد التي ولدت وترعرعت في ألمانيا من أب مصري وأم يونانية. وحتى لو أنها درست تصميم الأزياء وتنقلت بين مدن عديدة لكنها كانت دوماً تعود إلى عالم الأحصنة، بطريقة أو بأخرى.

وبعد تسع سنوات من تدريب الأحصنة في إسطبلات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وبعد حوادث ثلاثة أدت إلى عجزها عن ركوب الأحصنة، تركت ياسمين رياضة السباق وعملت كمديرة لإسطبلات مختلفة في الإمارات.

إلا أن كل شيء تبدّل عام 2013 عند لقائها بـ"سالامبو". حينها، كان هذا الحصان على شفير الموت هو الذي يعاني من مرض العصبون الحركي. وخلافاً لنصائح الجميع، ظلت ياسمين متمسكة به ورعته ليصبح "سالامبو" البالغ من العمر اليوم 24 عاماً الرئيس التنفيذي لـ "رايد تو ريسكيو" (أي ركوب الخيل لإنقاذها) إلى جانب رفيق دربه "السيد نو نو" وهو حصان صغير الحجم.

أرادت ياسمين أن تمنح سالامبو حياة جديدة لكنها لم تكن تملك خطة واضحة أو حتى الأموال لذلك سيما أن العناية بالأحصنة مكلفة جداً. لكن سرعان ما وجدت إسطبلات توفّر مأوى لها- بداية في نادي ظبيان للفروسية لتنتقل مؤخراً إلى نادي مندرة للفروسية في أبو ظبي.

أحصنة تقاعدت أو أخرى تمّ انقاذها.. المهم أنها وجدت مع ياسمين مكاناً آمناً حيث تقول "نريد أن نمنحها حياة هادئة وجيدة وسعيدة بهدف أن نردّ لها بعض الجميل التي أعطتنا إياه في السابق".

فكرة مشروع "رايد تو راسكيو" تبلورت عام 2017 من أجل منح الأطفال والراشدين فرصة التواصل مع الأحصنة في بيئة مناسبة لاسيما أن الكثير من هذه الخيول تعرضت لسوء المعاملة أو الإهمال أو الإساءة العاطفية بسبب نقص الاهتمام أو الرعاية.

18 حصاناً في رعاية ياسمين اليوم. وهنا تخبرنا "معظم هذه الخيول تعاني من مشاكل مختلفة. وبالتالي، نادراً ما نقدّم دروساً في ركوب الخيل". وتشرح "لا أريد أن تعج الاسطبلات بعشرين طفلاً يومياً للدروس لأننا لا نريد أن ندفع الأحصنة إلى القيام بما لا تريده".

وبعد أن تمّ تعليق النشاطات بسبب كورونا، ها هي تعود تدريجياً حيث توفر ياسمين برامج مع الأطفال تتضمن تعليمهم رعاية الأحصنة وتحمل المسؤولية، والاستمتاع بالحياة في الطبيعة.  "أحصنتنا متقاعدة ولكن هذا لا يعني أنها لا تحب رفقة الأطفال لا بل على العكس هي تعشقهم وتتفاعل معهم"، على حد قولها.

تفاعل لديه منافع كثيرة لكل الأطفال وتحديداً لأولئك الذين قد يعانون من بعض المشاكل النفسية مثل التوحّد.  وهنا تخبرنا ياسمين "سمعتي سبقتني. وفجأة بات يحضر المزيد من الأطفال ومن بينهم من يعانون من التوحد أو مشاكل في النطق".

نادراً ما يخبر الأهل ياسمين عن مشاكل أولادهم لكنها سرعان ما تلاحظ ذلك. على غرار قصة أطفال يرفضون الكلام وفجأة، بعد ركوب الأحصنة والمشاركة في الاهتمام بها، "يفتحون قلوبهم" ويخبرون القصص ولا يتوقفون عن الكلام. ترى ياسمين أن "الخيول أشبه بمعالجين. حتى أن الدراسات أظهرت أن قلب الحصان كبير جدًا وتردده قوي لدرجة أن الوقوف بمسافة محددة منها يساعد قلبك".

وتشدد ياسمين أن الحضور إلى الاسطبلات هو أشبه بتجربة متكاملة ولا بد أن يكون لديك الوقت (على الأقل ساعتين) لأنها لا تريد أن يقوم الطفل بالنشاط المدفوع فحسب لا بل أن يبدأ بزيارة الاسطبلات والتعرف إلى ماريليو وأرينو ونونو وسالامبو (بعض من الأحصنة الموجودة) …

أن يشعر الطفل أو الراشد بأنه في بيئة آمنة وحاضنة قد يكون أبرز ما يميز هذه الواحة التي أرادتها ياسمين هي التي تريد أن تقدم يد العون للأحصنة والأفراد على حد سواء.

مساحة أمنة مكلفة جداً حيث يجدر بياسمين أن تدفع الايجار والطعام العالي الجودة والموظفين الذين يعملون معها ما يجعلها دائماً بحاجة ماسة للتمويل لاسيما أن النشاطات المدفوعة لا تكفي وحدها (أمر زاد سوءاً مع كوفيد-١٩) لتغطية التكاليف.

فالاهتمام بحصان واحد يكلّف ما بين ٢٨٠٠ و٣٠٠٠ درهم بحسب حميتها الغذائية والحاجات الطبية. وياسمين التي تريد الأفضل لأحصنتها تأمل أن تتمكن من نقل المشروع، من أجل استدامته، إلى أوروبا حيث الكلفة أقل وحيث تستطيع الحصول على مساحات كبيرة من الأراضي تمضي فيها الأحصنة معظم وقتها في الخارج.

حلم باصطحاب كل الخيول من دون أن تنسى البلد الذي عاشت فيه أكثر من ١٥ سنة حيث تقول ياسمين "أحلم باستدامة مشروعي وأريد الانتقال إلى أوروبا ومواصلة التعاون مع الإمارات العربية المتحدة. كثيرون يملكون أحصنة بلغت سن التقاعد ويستطيعون ارسالها لي لتمضي سنواتها الأخيرة في بيئة صديقة لها".

سواء تحقق الحلم قريباً أو بعد سنوات، يبقى الأهم لياسمين أن تكون الأحصنة سعيدة هي التي تفضّل أن تكون فقيرة على تحطيم قلوبها.