في ظل وجود أكثر من 5,6 مليون سوري أرغموا على الرحيل عن بلادهم منذ عام 2011 وعدد أكبر من النازحين في الداخل، يمكن القول إن سوريا قد شهدت اضطرابات أكثر من أي دولة أخرى من دول الربيع العربي. لم تقف الدولة على أقدامها بعد، لكن هناك من يجتهد ليساعد الشباب النازح ليكونوا رواد أعمال بالرغم مما يحدث في وطنهم. بقلم: مصطفى عادل.
تم إرساء مبادرة "ذا ستارت أب رود شو" عام 2018 بهدف مساعدة اللاجئين السوريين والعمالة الوافدة في أربع دول مختلفة هي:لبنان والعراق وتركيا والأردن.تأسست المبادرة عندما قامت منظمة "سبارك"، وهي منظمة هولندية تدعم مشروعات الشباب في كافة أنحاء العالم، بالتواصل مع منظمة "جسور". وتوضح دانيا إسماعيل، عضو مجلس إدارة منظمة جسور ومديرة "برنامج جسور لريادة الأعمال" قائلة: "إننا ندير برنامج ريادة الأعمال الخاص بنا منذ خمسة أعوام، وننظم معسكرات للتدريب ومسابقات للشركات السورية الناشئة.لقد قمنا أيضاً بوضح منهجنا التدريبي الخاص، الذي تم تصميمه بصورة تناسب رواد الأعمال السوريين ليس فقط في المنطقة فحسب بل في كافة أنحاء العالم."
بحثت "سبارك" عن "جسور" لترسي مشروعاً لدعم رواد الأعمال السوريين في تلك الدول الأربع، ثم تعاقدت مع "ستارت أبس وذاوت بوردرز" لتدير المسابقة والتسويق و منظومة العلاقات العامة. وعن هذه التجربة، تشير دانيا إسماعيل، التي تعيش كمغتربة سورية طوال عمرها: "جاءتنا فكرة انتقال فريق من المدربين و المساعدين والمرشدين من مدينة لأخرى، لأنه من الصعب على الشباب السوري السفر. ومن ثم، قررنا الوصول إليهم." تقام المسابقة في خمس مدن هي:بيروت و أربيل وعمان وغازي عينتاب وإسطنبول.
تستمر المعسكرات التدريبية لمدة خمسة أيام في كل مدينة، وسيخضع 100 رائد أعمال خلال فترة حملة "رود شو" لتدريب مكثف وإرشاد مباشر لكل واحد على حدى لتطوير مهاراتهم وفهمهم في عالم المال والأعمال.وتضيف دانيا إسماعيل التي تبلغ من العمر 39 عاماً: "لدينا خمس نماذج يتم تدريسها في أيام مختلفة.ثم،يتم عرض الأفكار وتطويرها والتدريب عليها. في كل موقع، نختار أعلى اثنين من الفائزين، فيصبح لدينا إجمالي 10 فائزين من كل مدينة."
وفي الدورة الثانية من مسابقة العام الحالي 2019، عرضت الفرق العشرة الأولى أفكارهم مباشرةً أمام مجموعة من الحكام في اليوم التجريبي، يوم 4 نوفمبر 2019 في عَمّان؛ حيث ربحت أفضل 3 شركات سورية ناشئة جوائز نقدية قدرها 15 ألف دولار و10 آلاف دولار و7 آلاف دولار على الترتيب، إضافة إلى عرض أفكار مشروعاتهم خلال مؤتمر "سبارك إيجنايت" السنوي في أمستردام.
تهدف المسابقة إلى منح الشباب السوري الفرصة كي يثبّتوا أقدامهم في عالم المال والأعمال. وتتابع دانيا إسماعيل الحديث بقولها:"نحاول تمكين الشباب السوري المهتم بمجال ريادة الأعمال والتكنولوجيا.نريد أن نزودهم بالعلم والمهارات والثقة لتنفيذ أفكارهم." وبالرغم من محدودية فترة حملة "رود شو" ونقص المساعدات المالية، لا يزال الأشخاص، الذين يقفون وراء هذا البرنامج، يبذلون كل ما في وسعهم لمساعدة كافة المتقدمين. وتضيف دانيا إسماعيل:"نحاول بقدر المستطاع الاستمرار في دعمهم خلال رحلتهم عن طريق التوجيه والإرشاد والتواصل من خلال شبكة الخبراء ورجال الأعمال الضخمة الخاصة بنا."
لا تتوقف مجهودات "جسور" عند مساعدة الشباب السوري خلال فترة "رود شو"، حيث نعمل على دعم المزيد من أوجه التعاون المثمر معهم في المستقبل.وتشير دانيا:"نوسع برنامج ريادة الأعمال الخاص بنا، وسيكون برنامجنا القادم برنامجاً معجلاً سيستمر بالعمل مع كثير من الفرق الواعدة التي تخرج من عباءة مسابقة"ستارت أب رود شو". وحول المرحلة الثانية من برنامج ريادة الأعمال،الذي سينطلق عام 2020 توضح دانيا قائلة: "إننا نريد توفير برنامج يكون جزء منه متاحاً على الإنترنت وآخر على أرض الواقع، وأيضاً جزء منه استثمار، حيث تتلقى هذه الشركات أموالاً كاستثمار، وليست فقط كمنح أو كجوائز."
تم إرساء فكرة "ذا رود شو" لتكون بمثابة فرصة للشباب السوري لتغيير واقعهم ليصبحوا أكثر من مجرد ضحايا لحرب لا نهاية لها.كما تمنحهم المسابقة الأدوات ليصبحوا أفراد فاعلين في المجتمع في أي مكان يتواجدون فيه، وكذلك مساهمين في اقتصاديات تلك الدول. وتبرز دانيا هذه النقطة بقولها: "عندما نبني هذا الجيل ونعطيه تلك المهارات والخبرات اللازمة، سيعود مرة أخرى إلى أرض الوطن عندما تستقر الأمور هناك بالصورة الكافية ليعيد بناء اقتصاد سوريا." وتختتم دانيا الحديث بقولها: "إننا نأمل أن يصبح الكثير من رواد الأعمال الشباب، الذين ستقوم "ستارت أب رود شو" بإلهامهم وتدريبهم ومساعدتهم، الأساس للاقتصاد المستقبلي في سوريا القائم على المشروعات الصغيرة والمتوسطة."