بحث
مزارع تونسي يساعد بالاعتماد في عمله على الفحم الصديق للبيئة في إنقاذ الأشجار والحفاظ عليها

في رحلة عمل إلى الصين، ومستلهما مما رآه هناك، أطلق رجل أعمال تونسي يعمل في المجال الزراعي شركة لإعادة تدوير نفايات الأشجار.

بقلم: مات سميث.

من خلال استخدام نفايات الخشب في صناعة الفحم، وعبر عملية أسرع وأقل تلويثًا ، يساعد المزارع التونسي الذي تحول إلى رجل أعمال، على الحد من عملية إزالة الغابات في تونس،الواقعة شمال إفريقيا.

فقدت تونس بين عامي 2001 و 2018، مساحة تقدر بـ 1752 كيلومتراً مربعاً من الغابات، حسب تقدير الموقع المختص بأخبار علوم البيئة مونجاباي.كوم، وهذا ما يعادل ضعف مساحة دولة البحرين، يعد تطهير الأراضي والحرق العمد، من بين الأسباب المتعددة لإزالة الغابات. ومع ذلك ، فإن السبب الرئيسي يكمن في استخراج الأخشاب بشكل غير قانوني لغايات حطب الوقود أو الفحم، وفقًا لتقرير برعاية البنك الدولي.

يتم إنتاج الفحم التقليدي، عبر تسخين الخشب بشكل تدريجي، حتى تصل درجة الحرارة إلى حوالي 600 درجة مئوية، في بيئة توفرُ الحد الأدنى من الأوكسجين. تعمل هذه العملية على إزالة الماء والمكونات الأخرى، مما يساعد في حرق الفحم في درجات حرارة عليا، مع قليل من الأدخنة.

في خلال رحلة عمل إلى الصين، لاحظ رضوان عيادي، والذي يدير مزرعة العائلة في مدينة طبربة شمال تونس، وجود نوع غير عادي من الفحم في إحدى المطاعم، فٌتن رضوان بالفكرة، وقام بزيارة مصنع الفحم ذاك، حيث اكتشف آلة جديدة بالغة التطور، ساهمت في تسريع عملية الإنتاج وجعلها أكثر كفاءة.

استلهم عيادي ذو الـ 32 عاما الفكرة، فاشترى آلة مشابهة، وبدأ في صنع فحمه الخاص، حيث أطلق شركة ناشئة تسمى بيوفاير، عام 2015 للاضطلاع بأعماله التجارية. قامت الشركة منذ ذلك الحين بتكييف وتوسيع معداتها، حيث تم تصنيع حوالي ثلث الماكينة محليًا.

تشكل النفايات الناتجة عن مصانع الألواح الخشبية 60٪ من المواد الأولية لشركة بيوفاير، بينما يأتي الباقي من المزارع ومصادر أخرى، تقوم بجمع نفايات الخشب في الأماكن المكشوفة.

يقول عيادي في هذا الصدد: "هدفنا هو التسهيل على الناس،للوصول إلى حلول أكثر للطاقة، بأسعار معقولة وإنقاذ الغابات التونسية، التي لا تزال تتضاءل بسبب الاستخدام غير الفعال للوقود الخشبي".

ويضيف "المواد الخام متاحة لنا، حيث نتوفر على الكثير من نفايات الأشجار، وتحيط بنا العديد من المزارع."          

في بيئة إنتاج تقليدية يحتاج إنتاج الفحم، إلى ما بين ثلاثة إلى أربعة أيام، لكن بفضل كفاءة آلة بيوفاير، فان العملية لا تستغرق أكثر من 9 ساعات. وفي الوقت الذي ينتج عن حرق 3 أطنان من الخشب بالطريقة التقليدية، 400 كيلوغرام من الفحم، فإن آلة بيوفاير تنتج طنا واحدا من نفس الكمية من المواد الخام.

ويوضح عيادي قائلا: "بدون استخدام أي مواد كيميائية، نقوم بعملية الضغط والتكييف في فرن خاص. حيث يعد صنع الفحم التقليدي أمرا خطيرا ويساهم في التلوث، وينتج عنه الكثير من الأدخنة. ولهذا يستخدم الفرن الخاص بنا مرشحات لمنع انبعاثات الأدخنة"

قامت شركة بيوفاير من الفترة الممتدة بين عام 2015 وحتى نهاية عام 2018، بإعادة تدوير أكثر من 1000 طن من الخشب، وقال عيادي أن هذا الأمر ساهم في إنقاذ ما يعادل 1000 شجرة من الحرق لأغراض التدفئة أو الطهي.

تقوم شركة بيوفاير، بإنتاج قوالب خشب خصيصا لمطاعم البيتزا، وقوالب الفحم لمطاعم الشواء، والفحم المضغوط لمقاهي الشيشة. وتقوم الشركة أيضًا بجمع بقايا مادة القطران ، وهو منتج ثانوي تعيد بيعه للاستخدام البيطري وحماية الخشب.

يذكر أن حوالي 70 ٪ من المبيعات هي لشركات أخرى، ويخصص ما تبقى للمستهلكين. في الآونة الأخيرة بدأت بيوفاير، والتي تتوفر على حوالي 200 عميل، في التصدير إلى إيطاليا، لكن معظم منتجاتها لا زالت تباع في نطاق 60 كم من مزرعة العائلة.

فازت شركة بيوفاير، سنة 2018 بالجائزة العالمية للطاقة على المستوى الوطني بتونس، وحصلت على لقب واحدة من أفضل خمس شركات ناشئة في المنطقة المغاربية.

تتمتع الشركة بتمويل ذاتي، بيدَ انه وبعد انتهاء موسم حصاد الفاكهة في مزرعة العائلة، ستبدأ في البحث عن مستثمرين لتسريع التعجيل بخطى التوسع.

يقول عيادي: "لقد قمنا بإعادة استثمار أرباحنا بهدف توسيع قدرات الشركة، ونهدف بنهاية عام 2019، إلى إنتاج 5 أطنان يوميًا". وجدير بالذكر أن الإنتاج الحالي يبلغ حوالي 2.5 طن في اليوم.

تهدف الشركة في عام 2020، إلى التوسع في أوروبا، إضافة إلى توزيع منتجاتها على نطاق تونس بأكملها .

ويضيف عيادي "يُعرف الشتاء الأوروبي بطول مدته وقسوته ، ولهذا سيُتاح لنا سوق أكبر لتصدير قوالبنا الخشبية. ونسعى بحلول عام 2021، إلى غرس أقدامنا في جميع الأسواق الأوروبية الرئيسية "

---

مات سميث هو صحفي سابق في وكالة رويترز، وأقام في دبي لمدة عشر سنوات. ويواصل سميث الكتابة في الشرق الأوسط كصحفي حر لحساب العديد من المطبوعات والجهات الإعلامية،من بينها بوابة سلام وشركة ديجيتال إنك ميديا.