بحث
علامة تجارية للتمور الإماراتية تراهن على سحر التراث

تتبع العلامة التجارية الإماراتية "ذا ديت روم" نهج "من المزرعة إلى المائدة" مما يضع التمور المحلية في مركز الصدارة. بقلم:
كيث جيه. فرنانديز.

عندما تستطيع في مجال التجارة الإجابة على السؤال التقليدي المتعلق بعرض البيع الفريد للمنتج بست طرق مختلفة، فإنك تمتلك على الأرجح منتجاً ناجحاً. ولحسن الحظ، أن الخصائص غير المألوفة للمنتج لا تمثل مشكلة عند التعامل في مجال تجارة التمور.

يوجد أكثر من 3000 نوعٍ من التمور في أنحاء العالم، ولكن العلامة التجارية الإماراتية "ذا ديت روم" قررت دخول هذا السوق التنافسي بستة أصناف محلية فقط، فيوفر تمر الخلاص الشهير بقشرته الذهبية ونكهة الزبدة والكراميل وكذلك تمر الرزيز المعروف بانخفاض نسبة الكربوهيدرات مذاقاً مختلفاً تماماً عن تمر المجهول و تمر دقلة نور، وهما النوعان الأكثر انتشاراً في سوق التمور. وفضلا عن حصول هذه العلامة التجارية محليا على التمور من حوالي 20 مزرعة في واحة العين بأبو ظبي، فإنها تقدم أيضا من خلال منتجاتها تراث الأمة إلى سكان الإمارات العربية المتحدة.

ويقول المدير التنفيذي طوني إن. الصايغ: " إن التمور الإماراتية متفردة، لأنها أكثر غنى في مذاقها ومكوناتها بصفة عامة مقارنة بغيرها من التمور الموجودة في السوق؛ على الرغم من أنها قد تكون أصغر حجما." وكذلك يرى طوني  أن تلك النكهات غير المعتادة ستساعد في وضع المزارع الإماراتية في مكانة خاصة في السوق العالمي للتمور.

كانت علامة "ذا ديت روم" قد بدأت في طرح منتجاتها من خلال فتح محلين فاخرين في الإمارات العربية المتحدة خلال شهر نوفمبر الماضي، بعدما فطن مؤسسها أحمد محمد بن سالم إلى وجود فجوة في سوق الفواكه المحلية، الذي تهيمن عليه المنتجات القادمة من المزارع السعودية. وعلى الرغم من عدم توافر بيانات رسمية عن حصص الدول في سوق التمور وفقاً لبلد المنشأ، فإن التمور السعودية تتواجد على نطاق واسع في الإمارات العربية المتحدة، ويُعتقد أنها تسيطر على ما يقرب من 90% من سوق تجارة التجزئة في البلاد. وتُظهر البيانات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن المملكة العربية السعودية تأتي في المقدمة بإنتاج سنوي يبلغ 755,000 طن من التمور، ويليها كل من مصر وإيران والجزائر التي تُنتج مجتمعةً ما يفوق مليون طن سنويا. وفي المقابل، تنتج المزارع في الإمارات العربية المتحدة حوالي 475,000 طن، ويتم تصدير كمية كبيرة منها.

تُعد التمور أحد أقدم المحاصيل الزراعية في العالم. وتعتبر مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا هي المناطق الأشهر بزراعة النخيل، بينما ترجع أصول زراعتها إلى المنطقة التي تُعرف في العصر الحديث بدولة العراق، ويعود تاريخ زراعة النخيل إلى ما يزيد على خمسة آلاف عام. وزاد الاهتمام بالتمور بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. وتصنف التمور كعنصر غذائي هام وذلك لاحتوائها على نسبة عالية من الألياف والمعادن، ونظرا لما تحتويه من نسبة عالية من السكر الطبيعي ، فإنها تستخدم في وصفات الأطباق المختلفة كبديل صحي طبيعي عن السكر المصنّع.

وفي هذا الصدد، يقول الصايغ: "كان الدافع الرئيسي في البداية وراء الإقدام على مشروع "ذا ديت روم" هو أن مزارعَنا تنتج تموراً ذات جودة عالية من كافة الجوانب. ومازالت عائلاتنا تستمتع بتناول هذه التمور في كل وجبة و في كل مناسبة على امتداد الأجيال. ومن ثم، فكرنا لما لا نطرحها في السوق بطريقة تجعلها ليس فقط متوفرة للجميع، ولكن أيضا نروج من خلالها للثقافة الفريدة لدولة الإمارات العربية المتحدة؟!"

يصل الإنتاج السنوي للشركة إلى حوالي 160 طن، ويقتصر التوزيع حتى الآن على دولة الإمارات العربية المتحدة. وهنا  يستطرد الصايغ قائلاً إن فريقه يتواصل حالياً مع موزعين في الهند وإندونيسيا، حيث الدخول في هذه الأسواق لطرح هذا المنتج، الذي يعكس القوة الزراعية للمنطقة.

وفي ظل تضرر المزارعين في كل مكان من العالم من تأثير ظاهرة تغير المناخ، فإن السؤال هو: ما هي التحديات التي تواجه مزارعي التمور الذين اعتادوا و محاصيلهم على توافر الحرارة والجفاف؟ يتوقع العلماء أن يكون عام 2019 ثاني أكثر السنوات حرارةً بعد عام 2016، وأن أكبر المنتجين اليوم سوف يعانون بشكل ملحوظ من الظروف المناخية غير الملائمة بحلول عام 2070.

ولا يستطيع الصايغ أن يقدم أرقاماً دقيقة عن محصول هذا العام، لأن الموسم يستمر حتى نهاية شهر أكتوبر. وأوضح أنه على الرغم من احتمال أشجار النخيل للحرارة على مدى مئات السنين، فإن مزارعه بدأت بالفعل تشعر بتأثير ارتفاع الحرارة. ويضيف الصايغ موضحا: "في ظل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة طول فصل الصيف، تعاني المزارع والأراضي الصالحة للزراعة من الجفاف. وهذا يعني الحاجة إلى المزيد من المياه، لأن نقصها يؤثر في حجم الثمرة وملمسها. إننا نبذل من جهتنا قصارى جهدنا ونوفر النفقات اللازمة لضمان حصول جميع المزارع والأشجار على الكمية المثالية من المياه."

وبينما سيظهر التأثير الكامل لتلك التغيرات المناخية بعد بضع سنوات، فإن حكومة أبو ظبي تركز على الحفاظ على هذه الواحة التي تنمو بها تمور الإمارات، والتي صنفتها منظمة اليونسكو باعتبارها أحد مواقع التراث العالمي. ومن جهة أخرى، فقد يتمكن الصايغ قريبا من إضافة خاصية أخرى متميزة إلى عرض "ذا ديت روم" للبيع الفريد نظرا للتحول الذي أدخلته التكنولوجيا إلى قطاع الزراعة المحلية من خلال تقديم حلول مثل: الزراعة العمودية وداخل المباني و الزراعة بدون تربة.