بحث
التدوين الصوتي بالشرق الأوسط: زاوية ريادة الأعمال

على الرغم أنه ما زال يخطو خطواته الأولى في العالم العربي على عكس الحال في الغرب، بدأ التدوين الصوتي (البود كاستينج) في جذب قطاع كبير من الشباب العربي والأعداد في تزايد مستمر.

بقلم: مي الحبشي.

بحسب تقرير حديث صادر في منطقة الشرق الأوسط، وجد أن 1.3 مليون شخص في دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها يستمعون إلى مقاطع التدوين الصوتي بانتظام، وهو ما يخلق فرصة مثيرة لرواد الأعمال والشركات والعلامات التجارية للتواصل مع الجماهير عبر الإنترنت.

وعلى الرغم من أن هذه التقنية مازالت تخطو خطواتها الأولى، فإنه من المتوقع أن يشهد التدوين الصوتي انتشارًا أوسع بالمنطقة، ولا سيما مع تطور تقنيات الاتصالات المتنقلة وزيادة الوعي بها.

سرد القصص وقيمته

إن الطبيعة السردية التي يتميز بها التدوين الصوتي هي ما تجذب المستمعين لهذه التقنية الجديدة، إذ يعتقد (رامسي تيسديل) المدير التنفيذي والشريك في منصة (صوت) الأردنية أن التقليد القديم المرتبط بسرد القصص يجعل من التدوين الصوتي أمرًا فريدًا وخاصة بالنسبة للمستمعين العرب، فيقول تيسديل الذي يقدم من خلال منصته محتوى سردي باللغة العربية "التسجيلات الصوتية إحدى التقاليد القديمة والمهمة، ويمكننا من خلال التدوين الصوتي تطويرها وبث روح الابتكار فيها."

يتطلع المستمعون، من خلال التدوين الصوتي، إلى شيء مختلف وأكثر تخصصًا من برامج الإذاعة العادية، ولا سيما وأنهم قد ضجروا التنقل بين صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشكل متواصل، ويبحثون حاليًا عن طرق جديدة للتعامل مع المحتوى الذي يريدونه. "فمن خلال التدوين الصوتي، يختار الناس المواضيع والبرامج التي يردون الاستماع إليها، فالتدوين الصوتي بمثابة بديل فعال للساحة الإعلامية المكتظة."

وفي هذا السياق، يؤكد، عمر توم، مؤسس منصة دكان ميديا في دبي أن التدوين الصوتي يشكل فرصة مميزة للتعمق في جوانب المحتوى المتخصص والروايات الشخصية، سواء لاستكشاف القضايا الثقافية والاجتماعية كما هو الحال مع (منصة صوت) أو للتركيز على التنوع الثقافي بين العرب الناطقين بالإنجليزية في الإمارات العربية المتحدة مثل ما تقوم به منصة (دكان)، ولا سيما أن الخيارات مفتوحة ولا حصر لها، فيقول "يتمتع التدوين الصوتي بمكانة خاصة ومميزة، إذ يمكن من خلاله أن يجد كل إنسان ما يناسبه."

التدوين الصوتي كصناعة متنامية

لا يزال أمام التدوين الصوتي في المنطقة طريق طويل قبل أن تتحول إلى صناعة مزدهرة قائمة بذاتها.

يقول تيسديل "لا زلنا في البداية" وأضاف "لا يزال التدوين الصوتي بدائيًا في منطقة الشرق الأوسط، ونتطلع إلى تطويره وازدهاره من خلال إنتاج محتوى أكبر ومتنوع."

من وجهة نظر تيسديل، فإن التحدي الحقيقي يكمن في عدم معرفة الكثير من الناس بماهية التدوين الصوتي (البود كاستينج)، فضلًا عن أن العديد من مدوني المنطقة لا يقدمون سردًا حقيقيًا للقصص، بل يطورون محتوى يشبه البرامج الإذاعية القديمة، ويرى أنه قد سنحت الفرصة لتطويره ليتحول إلى مثال يحتذى به." فيقول "هذه فرصة لإنتاج مقاطع تدوين صوتي ذات جودة وتطوير علاقات جيدة بوسائل الإعلام."

يقر توم أن هذا المجال مازال في مهده، ويقول "حتى هذه المرحلة، يمثل التدوين الصوتي إحدى المشروعات العاطفية، مما قد يجعل منه مستقبلًا صناعة تقوم على التنافس الشرس." وفي هذا السياق، أوضح توم أنه ثمة العديد من المدونين الذين يواصلون كفاحهم لتحقيق مكاسب من هذا المجال، إلا أنهم يفتقرون إلى النموذج أو الهيكل المالي المناسب لتحويل التدوين الصوتي إلى تجارة مربحة، علماً بأنه يمكن التربح من خلاله عن طريق الإعلانات والرعاية وخدمات الاشتراك والإنتاج والاستشارة.

وعلى الرغم من ذلك، لا تستفيد منصتا (صوت) أو (دكان) بالإعلانات، لتحقيق أية مكاسب، وفي معرض تعليقه على هذا الأمر، يقول توم "لا أريد أن أضع حدودًا لمدوناتي." وأضاف "قد فتح مجال التدوين الصوتي العديد من الأبواب أمامي، واستطعت من خلال برنامج واحد، تكوين مؤسسة استشارات ثقافية."

على الرغم من أن مجال التدوين الصوتي لا يزال وليدًا، فقد أثبت أنه جديرًا بثقة مستمعيه، فبحسب التقرير الذي ذُكر أعلاه، فإن نسبة 92% من المستمعين يثقون في برامج التدوين الصوتي أكثر من ثقتهم في برامج وسائل الإعلام العادية، بينما يثق نسبة 72% بمنصات التواصل الاجتماعي. يقول تيسديل "على الرغم من أن نسب التعرض لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي أكبر، إلا أنه تكتسب المدونات الصوتية قيمة أكبر، فهي وسيلة محترمة وموثوق بها."

ولهذا السبب، يعد التدوين الصوتي مجالًا واسعًا يمكن اقتحامه بسهولة، إذ يقول توم "التدوين الصوتي وسيلة يمكن أن تمتلكها بنفسك، تمامًا مثله مثل منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن استخدامها لأغراض شخصية أو تجارية؛ فالتدوين الصوتي ليس إلا امتدادًا لمثل هذه المنصات."

وعلى الرغم من تطور مجال التدوين الصوتي حتى وإن كان ببطيء، إلا أنه يلقى قبولًا في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما مع بحث الناس عن طرق للتعبير عن أنفسهم خارج وسائل الإعلام المعروفة، ويختتم توم قوله في هذا الشأن "لكل منا قصة ليرويها بطريقته الخاصة."