بحث
حاضنة الموضة في المنطقة تشجع رواد الأعمال العرب على غزو العالم بمنتجاتهم

عندما تكون مبدعاً، فإن آخر شيء تودّ أن تفكر فيه هي الأمور المتعلقة بالحسابات والإدارة. ولذلك، تودّ "حاضنة الموضة في الشرق الأوسط" أن تحث المصممين في المنطقة على أن يطوروا علاماتهم التجارية والارتقاء بها إلى مستوى أعلى من خلال تعليمهم أساسيات العمل التجاري.

بقلم: مي الحبشي.

اختارت نهير صالح أن تحمل على عاتقها مهمة تعزيز العمل في مجال الموضة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولتحقيق هذا الهدف، تساعد رائدة الأعمال الشغوفة المصممين الطموحين والمتمرّسين لكي يؤسسوا علامات أزيائهم التجارية ويطلقوها على أمل أن يكون لهم بصمة واضحة في عالم الموضة في المنطقة وفي مختلف أنحاء العالم.

ولكن نهير لم تدرس تصميم الأزياء ولا حتى التجارة، وإنما تحمل شهادة جامعية في الهندسة، وهو التخصص الذي قادها إلى شغفها الحقيقي. وقد وقعت نهير في حب الأزياء وعملية تصنيعها عندما التحقت بمصنع عائلتها الخاص بأقمشة الدنيم في القاهرة. وبدأت أيضا خلال عملها كمديرةً للتصنيع إدراك الصعوبات الشائعة التي يواجهها رواد الأعمال في مجال الأزياء.

وفي هذا السياق، تقول نهير: "لطالما سمعت عن دخول مصممي أزياء جدد السوق، لكنهم جميعهم واجهوا نفس الصعوبات سواء عدم إنتاج المصنع ما يريدونه من قماش، أو عدم القدرة على إيجاد الأقمشة المناسبة، أو عدم معرفة طريقة تسويق علاماتهم التجارية.”

وبعد أن أدركت نهير عدم وجود “مكان جامع للخدمات “يلجأ إليه أولئك الذين يريدون تأسيس شركة في مجال الأزياء، فكرت في إرساء حاضنة الموضة في الشرق الأوسط، وهي الفكرة التي خرجت للوجود في عام 2017. وتقدم حاضنة الموضة في الشرق الأوسط من خلال مكتبيها في القاهرة ودبي مجموعةً كاملةً من الخدمات مثل شراء الأقمشة والإنتاج والتسويق والإرشاد في الأعمال التجارية.

صناعة الموضة... جوهرة خفية

لا يخفى أن مجال الأزياء يشكل قطاعاً تجارياً ضخماً. وتُقدر قيمة صناعة الأزياء العالمية - وفقا لتقرير وضع الموضة الذي أعدته مؤسسة ماكنزي  - ما يعادل 2,4 تريليون دولار، وستصل قيمتها بحلول نهاية عام 2019 - حسب تقرير آفاق التصميم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي أعده مجلس دبي للتصميم والأزياء - إلى 55 مليار دولار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتعكس هذه المعطيات فرصة ثمينة لرواد الأعمال في قطاع الأزياء في منطقة الشرق الأوسط من أجل تصميم ملابسهم وإنتاجها وتسويقها في المنطقة والعالم على حد سواء. واليوم، تعمل حاضنة الموضة في الشرق الأوسط مع 46 مصمماً لمساعدتهم في إنتاج مجموعاتهم. وإذا تمكن هؤلاء المصممون من تأسيس علاماتهم التجارية وتطويرها، فقد يعزز هذا الأمر صناعة الأزياء بشكل كبير.

وتقول نهير: "إننا نمتلك الخبرة والحرفة والمصانع. إن صناعة الملابس جوهرة ثمينة. فإذا استخدمناها على النحو الصحيح، سنتمكن من تعزيز هذه الصناعة ودعم اقتصاداتنا."

ولكن تنبّه نهير إلى أن حدوث ذلك يحتاج إلى تعلّم المصممين الجوانب التجارية المتعلقة بصناعة الأزياء. وترى أن أحد العناصر الأساسية لمضاهاة اتجاهات الموضة العالمية تتمثل في متابعة المصممين في المنطقة رزنامة الموضة العالمية. وسيساعد هذا الأمر المصممين في تجهيز مجموعاتهم في الوقت المناسب لكل دورة من دورات الموضة.

وتسترسل نهير في شرحها قائلة: "من المهم بمكان أن يفهم المصممون الرزنامة العالمية. فعلى سبيل المثال، لا ينبغي أن يبدأوا إنتاج مجموعتهم الصيفية في شهر أبريل، حيث إن هذا التوقيت متأخر جدا. ولذلك، يتعين عليهم التخطيط مسبقاً للسنة بأكملها. "

تغيير العقليات السائدة

لقد كانت نهير محظوظة لحصولها على دعم أسرتها عندما أطلقت "حاضنة الموضة في الشرق الأوسط". ولكنها على الرغم من ذلك واجهت بعض التحديات.

واعتمدت نهير على التسويق الشفهي خلال مراحل عملها الأولى، ولذلك كانت تتعرض في الغالب للضغط لإنتاج ملابس عالية الجودة دون أدنى هامش للخطأ، وهو ما لم يكن يحدث دائما. وتوضح نهير قائلة: "في البداية، أفسدنا بعض الأشياء في مرات كثيرة. وكنا نذهب لشراء الأقمشة وإصلاح تلك الأشياء على حسابنا. واليوم، أفتخر بالقول إن نسبة الخطأ في طلباتنا هي صفر في المائة. "

وتمثل التحدي الآخر في تغييرُ عقلية الحرفيين. وتشرح نهير بأن العديد من الحرفيين ذوي الخبرة اليوم، ولاسيما في القاهرة، يفضلون المجازفة في أعمال أكثر ربحاً ومرونة. وعلاوة على ذلك، ففي ظل انخفاض التصنيع المحلي، أصبح الكثيرون يرضون بإنتاج سلع منخفضة الجودة. وتلوم نهير في ذلك القائمين على الصناعة.

وتوضح نهير وجهة نظرها قائلة: "الكثيرون يهددون العمال كما لو أنهم لا يملكون حقوقا. فهُم عادة لا يُقدَّرون، وتكون أجورهم منخفضة، ويسرّحهم بعض أصحاب العمل خلال موسم انخفاض الطلب بسبب قلة العمل. "

ولمواجهة هذه المشاكل، تدفع نهير أجوراً أعلى وتعامل الحرفيين باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من فريق العمل من خلال إشراكهم في الاجتماعات وعملية التخطيط للإنتاج. وتقول نهير: ”لدينا مهارات حرفية نادرة، فهؤلاء الحرفيون أذكياء، ولكننا فقط نحتاج إلى تغيير عقليات التعامل معهم. استغرقنا في ذلك وقتا طويلا، لكن تسود بيننا الآن الثقة ونعمل معا كفريق واحد. ويمكنني أن أغادر المصنع وأنا أعلم أنهم سيقومون بالعمل على أحسن وجه."

وفي استشراف نهير للمستقبل، تأمل أن تكبر حاضنة الموضة في الشرق الأوسط لتشمل خطوط إنتاج كل مصمم من مصمميها وأن تملك متجراً دولياً على غرار ماركس أند سبنسر يعرض أعمال المصممين العرب الرواد.

وتختم نهير حديثها قائلة: "نحن هنا للارتقاء بالمصممين على أمل أن يحقق ذلك تأثيراً في مرحلة لاحقة.”