بحث
ناجون من السرطان يتحولون إلى رواد أعمال لمساعدة المصابين بأمراض مزمنة على تحسين حياتهم

منصة شفاء تحدث فرقاً في مجال خدمات توصيل الأدوية في مصر إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

بقلم: أحمد جبر.

لطالما شهدت خدمات الرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العديد من التناقضات. وذكر التقرير الصادر عن البنك الدولي حول إستراتجية قطاع التغذية الصحية والسكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن الفترة (2013-2018) تحت عنوان "العدالة والمساءلة: الانخراط في الأنظمة الصحية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، فإن هذه التناقضات يمكن أن تظهر فوارق صارخة بين توافر خدمات الرعاية الصحية في المناطق الريفية والحضرية، وكذلك في المناطق الحضرية الفقيرة والأحياء الغنية في الجوار. فعلى سبيل المثال، تكون نسبة حصول نساء الحضر على وسائل منع الحمل وعلى قابلات ماهرات عند الولادة هي الضعف مقارنةً بالنساء في المناطق الريفية.

وبالرغم من ذلك يمكن أن تلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في سد فجوة الحصول على هذه الخدمات في تلك المناطق بطرق ابتكارية مختلفة. لقد تزايد الإقبال على الخدمات الإلكترونية التي تتيح للمرضى حجز مواعيد الأطباء براحة من منازلهم وتوفير التجارب الأولية لخدمات العلاج عن بُعد في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتقول رشا راضي، الشريك المؤسس ومدير العمليات في شركة شفاء، وهي خدمة صيدلة إلكترونية مصرية يمكن للناس من خلالها طلب وجدولة عمليات توصيل منتظمة للأدوية التي يحتاجونها: "إن التحول الرقمي للرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو المستقبل، وهذا أمر مؤكد. ولكن قد يستغرق الأمر أكثر من خمس سنوات للتأكد من تحول جميع أصحاب المصالح والخدمات إلى النظام الرقمي وتوعية الجمهور بهذه الخدمات."

فكرة المشروع نبعت من محاربة السرطان

ربما تكون الحلول التي تجعل الحياة أسهل هي من يصنع الفارق في حياة الناجين من السرطان ورواد الأعمال في مصر وخارجها. فمن بين الناجين من السرطان دعاء عارف، شريك مؤسس والرئيس التنفيذي في شركة "شفاء"، والتي ألهمها كفاحها ورشا راضي ضد مرض السرطان لإطلاق الشركة.

تم تشخيص إصابة دعاء بسرطان الغدة الدرقية في عام 2017. وخلال فترة علاجها، أعربت عن أملها في أن تتمكن من طلب الأدوية ودفع ثمنها عبر الإنترنت. فلم تكن عمليات التوصيل المنتظمة للأدوية من الصيدليات عبر الهاتف مفيدة بالنسبة لها. ففي بعض الأحيان، كانت عاجزة عن العثور على ما تحتاج إليه، وفي أحيانٍ أخرى انتهى بها الأمر إلى الحصول على دواء خاطئ.

وبعد أن تعافت، قررت دعاء أن تتبنى هذه الفكرة بنفسها، حيث اطلقت برفقة شريكتها رشا في أبريل 2018 خدمة شفاء الإلكترونية لتوصيل الدواء. ويمكن استخدام هذه الخدمة الدوائية الإليكترونية المجانية من خلال أجهزة الكمبيوتر المكتبية والأجهزة المحمولة، حيث تتيح للأشخاص البحث عن العقاقير والأدوية المكتوبة في الروشتات الطبية ومنتجات العناية الشخصية. كما يمكن للمستخدمين عبر ملفاتهم الشخصية على المنصة، عمل مسح ضوئي للروشتة الطبية وطلبها والدفع عبر الإنترنت أو اختيار طريقة الدفع عند الاستلام وجدولة عمليات التوصيل المنتظمة لعبوات الأدوية للحالات المزمنة. كما تحتوي المنصة على تطبيق تذكيرات، يمكن إعداده لتنبيه المرضى عندما يحين موعد جرعة الدواء اليومية الخاصة بهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للتطبيق إرسال تذكيرات تلقائية حول مدى توافر الأدوية الدورية وإخطار المستخدمين بموعد إعادة تقديم الطلب.

نموذج عمل ابتكاري في سوق اعتاد على الطرق التقليدية

تُدار تجارة التجزئة في مجال الأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنفس الطريقة التقليدية التي كانت عليها على مدى العصور، مما يتيح قدراً محدوداً للابتكار. ووفقاً لمؤسسي شركة "شفاء"، فإن الجزء الأكثر تحدياً في إطلاق المشروع هو منح الصيدليات الحافز المناسب للاشتراك في الخدمة لأن نموذج عمل الشركة يعتمد على فرض رسوم عمولة عليهم مقابل كل معاملة.

وفي محاولة لتنويع الإيرادات، يسعى فريق عمل الشركة إلى تقديم خطة اشتراك للشركات الدوائية والمؤسسات الطبية للوصول إلى رؤى متعمقة عن مبيعات الأدوية.

وشدّدت رشا راضي على ضرورة "أن يفهم جميع أصحاب المصلحة في قطاع الرعاية الصحية أن الأمر لم يكن يتعلق أبداً بالتكلفة، ولكن يتعلق بتقديم خدمة فعالة من حيث التكلفة. إن هدفنا هو مساعدة المصابين بأمراض مزمنة في الحصول بشكل آمن ومستدام على أدويتهم الدورية ومساعدة صناع القرار على إيجاد الحلول استنادا للبيانات المتوفرة على منصتنا الإلكترونية التي تستعين بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

مستقبل مشرق رغم تحديات أخرى يجب التغلب عليها

في نهاية مايو 2019، استطاعت شركة شفاء تلبية أكثر من 77000 طلب في تسع مدن مصرية بالتعاون مع أكثر من 800 صيدلية. وتعتزم الشركة التوسع في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2020.

ووفقا لرأي وائل كابلي المدير التنفيذي لشركة كيورا صاحبة تطبيق للهواتف الذكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقديم الاستشارات الطبية عن بُعد: "إن الصيدليات الإلكترونية أمر لا مفر منه. "ولكن الأمر سيستغرق بعض الوقت وبذل المزيد من الجهد لنشر الفكرة بصورة كبيرة. وأوضح كابلي مضيفاً: "لا تزال هناك مشكلات لم يتم حلها حتى الآن تتعلق بالأدوية الموصوفة في روشتة الطبيب منها: التحقق من صحتها والموافقات الخاصة بها ومن ثم صرفها."