بحث
مستشفى يبعث الأمل في نفوس المبتورين بطباعة أطراف صناعية بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد

تستخدم منظمة أطباء بلا حدود - وهي منظمة طبية دولية غير ربحية - تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتساعد ضحايا الحروب على العيش باستقلالية وكرامة.

 بقلم: ميجا ميراني.

بدأت إحدى المستشفيات في الأردن في توفير  أطراف صناعية مُنتَجة بالطباعة ثلاثية الأبعاد لأكثر من 30 من ضحايا الحروب من مبتروي الأطراف في الشرق الأوسط، وذلك لمساعدتهم على العيش باستقلالية وكرامة وإعطائهم الأمل في المستقبل من جديد.

بدأت منظمة أطباء بلا حدود - وهي منظمة طبية دولية غير ربحية حائزة على جائزة نوبل للسلام - في استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في عام 2017 في مستشفى الجراحة التقويمية التابعة لها في عمَّان بالأردن كجزء من برنامج الجراحة التقويمية.

وشهدت مرحلة الابتكار التجريبية تجهيز الأطراف الصناعية لبعض مبتوري الأطراف من دول العراق وفلسطين وسوريا واليمن.

وقال مارك شاكال - نائب مدير برنامج أطباء بلا حدود في الأردن واليمن والعراق ورئيس البعثة السابقة لبرنامج الجراحة التقويمية - إن المشروع يهدف لمعالجة مشكلة ندرة فرص الحصول على الأطراف الصناعية.

ويوضح مارك قائلاً:"لقد انهارت النُظم الصحية، ولم يعد هناك سُبل للقيام بهذه النوعية من العمليات الجراحية.لذا، فإن فكرتنا تتمحور حول كيفية استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتسهيل حصول المرضى على الأطراف الصناعية."

كما يشير إلى سهولة وسرعة وقلة تكلفة إنتاج الأطراف الصناعية المطبوعة بالتقنية ثلاثية الأبعاد.

وحول التكلفة يشير مارك إلى أنها"تتراوح ما بين 50 إلى 100 دولار، وذلك أرخص بخمس أو ست مرات عن الأطراف المُصنعة بالطرق التقليدية."

يوفر برنامج الجراحة التقويمية جراحات العظام والوجه والفكين والجراحة التجميلية، ويعالج المرضى المصابين في مناطق النزاعات بسبب انفجارات القنابل أو الإصابة بالرصاص أو الشظايا أو الحرائق. وقد أجريت في إطار البرنامج أكثر من 12000 عملية جراحية لأكثر من 5000 مريض خلال العقد الماضي.

تغيير حياة إنسان

كان مِن بين ممن حصلوا على أطراف صناعية مُنتَجة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد من برنامج الجراحة التقويمية، طفل عاشق لكرة القدم عمره 5 سنوات. كان ذلك الطفل قد فقد ذراعه وساقه اليمنى إثر انفجار منزله في عدن باليمن. والآن وبعد مرور عامين على الحادث، تمكن الطفل عبدالباري من لعب كرة القدم مرة أخرى بفضل أطرافه الصناعية الجديدة.

يقول مارك إن تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تمثل كذلك خياراً عملياً في حالات الأطفال والمراهقين.

ويشير قائلاً: "كان لدينا بعض الحالات التي زودناها بأطراف صناعية في العامين الجاري والماضي، لقد تمكنا من إعادة طباعة الأطراف الصناعية لهم بحجم أكبر، وذلك بعد إضافة بعض التعديلات. وتمتاز هذه الأطراف بسهولة توفير طرف بديل في حالة حدوث أي تلف بالطرف المقدم في السابق."

ويضيف مارك أن الأطراف الصناعية المُنتَجة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أكثر راحة للمرضى بسبب وزنها الخفيف. علاوة على أن العملية أقل إزعاجاً للمرضى، لأن جميع القياسات يتم أخذها من واقع الأشعة.

حصل حيدر، مهندس كهرباء من العراق، على ذراع صناعية مُنتَجة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

يقول فارس الجواد، محرر محتوى في منظمة أطباء بلا حدود ومدير الاتصالات الإقليمي السابق لبرنامج الجراحة التقويمية: "كان حيدر يعمل في مشروع للخطوط الكهربائية عندما انفجرت سيارة مفخخة بجانبه، وفقد ذراعه إثر هذا الحادث."

ويذكر فارس الجواد أن الأطباء قد تعاونوا مع حيدر لتصميم طرف صناعي، وأخذوا في اختيار أكثر الألوان قرباً من لون الذراع السليمة.

ويتابع فارس سرد حالة حيدر: "أصبح بإمكانه تحريك ذراعه والقيام بحركات بسيطة كالمصافحة والإمساك بالفاكهة، لقد كان مظهره جميلاً، ومثَّل له ذلك قيمة كبيرة. لقد كان مبتهجاً وسعيداً حين غادر المستشفى."

ويوضح فارس أنه على الرغم من أهمية أداء الجهاز الحركي للمرضى، فإن العنصر الجمالي له "بالغ الأثر" على صحتهم النفسية والاجتماعية والعقلية.

وفي هذه الأثناء، تستكشف منظمة أطباء بلا حدود تطبيقات أخرى لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في الجراحات التقويمية مثل: صناعة أقنعة بتقنية الضغط لضحايا الحروق.

ويشير مارك إلى أن "الطريقة التقليدية هي استخدام شريط لاصق أو ضُمادة، وهذه عملية قاسية على المريض. ومن هنا تبرز أهمية وسهولة ارتداء قناع شفاف مطبوع ثلاثي الأبعاد حيث إنه أخف وزناً وأكثر راحة."

صنع برنامج الجراحة التقويمية أقنعة ثلاثية الأبعاد لـ 15 من ضحايا الحروق منذ يونيو 2018، كان من بينهم "نور" ذات السبع سنوات من الفلوجة بالعراق، التي احترق وجهها عندما انفجر لغم أرضي داست عليه أثناء سيرها.

بارقة أمل

تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 40 مليون مبتور يعيشون في الدول النامية. ومعظمهم من ضحايا النزاعات، ووفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود فإن نسبة 5٪ منهم فقط يحصلون على الرعاية المتمثلة في توفير الأطراف الصناعية.

ويتحدث فارس عن هذا الأمر قائلاً: "إنها ظروف مؤلمة وقاسية للغاية، يواجهها كثيرون في هذه الدول...بالنسبة لهم - ولنا - فالمستشفى يمثل لهم بارقة الأمل.نرى الكثير من الأطفال الذين يعانون من تشوه شديد، وأظن أنهم يحبون المستشفى ويعتبرونه مكاناً يجدون فيه السَلْوى، حيث يحيط بهم أطفال ورجال ونساء مروا بنفس التجربة المروعة."

ويشير مارك إلى أنه يوجد أكثر من 250 مبتوراً في قائمة الانتظار حالياً لاستلام طرف صناعي مُنتج بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، والذي يوفره لهم برنامج الجراحة التقويمية.

ويختتم مارك الحديث بقوله: "حتى وإن توقفت الحرب،فإن الجرحى وضحايا الحروب يظلون بحاجة لمزيد من هذه الأطراف الصناعية التعويضية."