بحث
رمز الإيمان - الفن المستوحى من القيم الروحية

رمز الإيمان - الفن المستوحى من القيم الروحية

لطالما كانت الكعبة المشرفة مصدر إلهام للفنانين، مع موقعها في منبع الإسلام؛ الكعبة التي جعلت الفنان التجميعي العراقي الكندي محمود العبيدي يحاول نشر ثقافة الفن الروحي. تقرير أعدته كيث ج. فرنانديز.

الكعبة المشرفة، كونها الموقع الأكثر قداسة في الإسلام، هي مصدر القداسة بالنسبة لمليار وثمانمائة مليون مسلم حول العالم، ممن ينبغي عليهم الحج إلى مكة، حيث تقع الكعبة المشرفة، مرة واحدة طوال العمر، كما تعتبر الكعبة قبلة المسلمين الذين يصلون تجاهها خمس مرات في اليوم.

يقول محمود العبيدي، "نحلم جميعًا بالحج منذ الصغر، فنحن نعرف كل شيء حول الحج، لماذا وكيف نقوم بالحج، وما هي أهميته، فعندما يذهب الناس إلى الحج، يعودون عادةً للحديث حول الشعور الروحي الذي ينتابك أثناء وقوفك أمام الكعبة".

حاول الفنان العراقي الكندي فهم وتوضيح جزء من تلك الروحانيات عبر تشكيلة من الرسومات، فباستخدام المكعبات المصنوعة من الفولاذ والزجاج، يعكس الفنان السياسي الذي يبلغ من العمر 52 عامًا ملامح ذلك الهيكل المقدس، وضخامة ثقله الروحي لدى ربع سكان كوكب الأرض.

يقول أن الكعبة تثير العديد من الأسئلة.

"هل بساطة الشكل، المكون من ست مجموعات مصمتة من الأشكال الهندسية تلعب دورًا في زيادة الحس النفسي الروحاني في الفضاء حولها؟ إن كان تصميم المبنى كروي، أو سداسي، هل كان ليحظى بالمستوى نفسه من القداسة؟"

ألهمت الكعبة بالطبع الكثير من الفنانين على مر السنين، بداية بالرسامين والمصورين وانتهاءً بالحائكين، ولا يخلو ذلك من الجدل، ففي عام 2005، ألغت دعوة حضور الفنان الألماني غريغور شنايدر إلى معرض بينالي البندقية قبل وقت قصير من عرضه لمكعب أسود منحوت مستوحى من شكل ومظهر الكعبة الشريفة.

في الآونة الأخيرة، أعاد الفنان السعودي عبد الناصر غريم، الذي أقام معرضه في الشارقة وبرلين، تصميم مدخل إلى الكعبة مزود بجهاز الكشف عن المعادن، فبتحويل مكان مقدس إلى نوع من المناطق الأمنية، أدلى بتعليق ساخر على النظام الحتمي الذي يخضع له المسلمين في المطارات لمزيد من التفتيش.

في عام 2012، ابتكر الفنان السعودي الزميل "المغناطيسية"، وهو عبارة عن تركيب مزود ببرادة حديد صغيرة حول زوج من المغناطيسات المكعبة (يظهر منها فقط المغناطيس الأكبر حجمًا) - ذلك التركيب الذي يستحضر كل من الشكل الموحد للحجاج، وحقيقة أن كل المسلمين، بصرف النظر عن عمرهم أو ثروتهم، سواسية عند الله.

 من ناحيته، يفضل عبيدي فحص أبعاد الهيكل المعماري، وتفاعله مع المساحة المحيطة به، وتأثير ذلك على المصلين.

يشرح عبيدي الأمر قائلًا، "أنا مهندس معماري، لذلك الشكل هو ما يهمني، كما أعرف أن هناك الكثير من الفنانين الذين يستوحون فنهم من الكعبة، ولكني أعتقد أنني الأول من بينهم الذي أستوحيت فني من الشكل، لذلك رغبت في تجاوز المفاهيم الدينية، إلى كيف يؤثر الشكل عليك روحيًا".

بالنسبة للبعض، مشروع الكعبة الذي صممه عبيدي هو تطور طبيعي لفنان تتحدث أعماله عن الكثير من التشرد، والانتماء، والوطن. يمكن العثور على أعمال الفنان المقيم في تورنتو في مجموعات الأعمال في المتحف البريطاني في لندن، والمعرض الوطني للفنون الجميلة في عمَّان، ومتحف الشارقة للفنون، ومؤسسة بارجيل للفنون في الشارقة.

متفائلًا بالغد، سوف يعاود عبيدي لمقالاته السياسية التي كانت سببًا في اكتساب أعماله لشهرة كبيرة، إلى جانب العمل على مشروع المتحف بالتعاون مع ضياء العزاوي، فعبيدي يؤمن أن الفن أكثر أهمية لأنه يقدم وجهة نظر بديلة للأحداث، كما يتوقع أن يقضي العامين المقبلين فيما يصفه بأنه مهمة صعبة.

يقول عبيدي في حديثه إلى مجلة Canadian Art العام الماضي، "نقوم بتوثيق الأحداث بطريقتنا الخاصة، وبذلك، يتسنى للجميع رؤية هذا التناقض بعد مائة أو ألف عام، ليقولوا، ’الأخبار كانت كذلك، ولكن أعمال الفنانين كانت مغايرة‘".