بحث
تطاوي، منتجات محلية تعكس الإرث والمهارة التونسية

لا عجب أن قررت الهيئات المسؤولة عن إطلاق مشروع "تطاوي" أن تختار منطقة تطاوين التونسية. فيخبرنا ألبرتو سيورتينو، ممثل المنظمة غير الحكومية الإيطالية "أركس" في تونس ومنسق مشروع "تير: من الأرض إلى توليد الدخل" التي طوّرت العلامة التجارية "تطاوي" أن "تطاوين هي واحدة من أكثر المناطق المحرومة في تونس، حيث ترتفع مستويات البطالة بين الشباب؛ واقع تعكسها الاحتجاجات المتكررة. كما أن موقعها بين الحدود مع ليبيا والجزائر يجعلها منطقة حساسة من الناحية الأمنية. ومن جهة أخرى، تتمتع هذه المنطقة بتراث تاريخي وطبيعي وثقافي مثير للاهتمام يمكن استغلاله كأساس للتنمية السياحية والحرفية. أضف إلى ذلك أن مهارة النساء التقليدية تشكل جزءاً مهماً من هذا التراث".

وبالفعل، انطلق المشروع في أبريل 2016 حيث تشارك، حتى الآن، حوالي 120 سيدة في مختلف النشاطات؛ سيدات من خمس قرى هي الفرش، ودويرات، وراس الواد، وبئر عمير، وبئر الثلاثين. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه القرى تعكس خليطاً متجانساً من العرب والأمازيغ، من حيث الثقافة واللغة.

ويطلعنا سيورتينو "بفضل مشروعنا، ندعم مجموعات النساء في هذه القرى من أجل إنتاج المنتجات التجميلية والأنسجة والمأكولات اعتماداً على المواد الخام والتقاليد المحلية. وبفضل المشروع، أطلقنا وجهّزنا خمسة مراكز إنتاج صغيرة من أجل تحسين نوعية منتجاتنا وإدارة أفضل لمجموعات العاملات". ويضيف "حتى أننا اختبرنا، مؤخراً، بنجاح جودة منتجاتنا في مختبر للأبحاث".

منتجات ذات جودة عالية وتصاميم مبتكرة تحمل جميعها رمزاً مشتركاً ألا وهو رسم النملة كدليل على الجهود الكثيفة والعمل الدؤوب التي تقوم به السيدات والشابات طوال العام. وتتنوّع هذه المنتجات بين المربى على أنواعه، والعسل وصلصة الهريسة وغيرها من المنتجات الغذائية إلى مستحضرات التجميل مثل زيت الشعر والصابون ومزيل العرق الطبيعي وغيرها. كما أن سيدات "تطاوي" يقدمن المنتجات بأكياس من الورق ويدعون الزبائن إلى إحضار أكياسهم المعاد استعمالها أو تدويرها في خطوة للحفاظ على البيئة.

وبعد عامَين على إطلاق المشروع، بات التغيير الذي أحدثته منتجات "تطاوي" في حياة السيدات وفي المنطقة بشكل عام واضحاً. فيكشف لنا سيورتينو "لدينا الآن "مجموعات التنمية الزراعية" ألا وهي مجموعات متكاملة مؤلفة من النساء بالكامل في كل قرية نعمل فيها.  أما من الناحية الاقتصادية، فلا يزال التأثير محدودًا. ويعزى السبب إلى أننا نفتقد إلى شبكة مبيعات لكننا سنطوّرها في المرحلة التالية".

إلا أنه يُتابع "رغم ذلك، لا شك أن علامتنا التجارية المعروفة "تطاوي" ساهمت في زيادة الطلب والمبيعات". كما أن سيورتينو لا يستثني أهمية المشروع من الناحية الاجتماعية، فيقول "يخرج عدداً كبيراً من النساء للمرة الأولى من منزلهنّ العائلي بغية المشاركة في أنشطة عامة حتى خارج قراهنّ. كما أنهن أحدثن، في كل قرية، مكان اجتماع محدد حيث يمكنهن العمل معاً ومناقشة وبلورة الأفكار وتخطيط الأنشطة".

لا شك أن فريق عمل "تطاوي" نجح في فترة قصيرة بتحقيق أهدافه ألا وهي تمكين المرأة التونسية في منطقة تطاوين وتوفير الوظائف للشابات التونسيات إلا أن الطريق ليست دائماً سهلة ومليئة بالمطبات. فيخبرنا سيورتينو "هناك صعوبات لوجستية واضحة، مثل عدم وجود نظام نقل جيد في المنطقة أو الحاجة إلى اللجوء إلى شمال البلاد للحصول على تغليف عالي الجودة؛ ما يحتاج إلى المزيد من الوقت ويكبّدنا المزيد من التكاليف".

إلا أن المثابرة ما زالت سيدة الموقف لاسيما بفضل تجاوب الناس. فيكشف لنا سيورتينو "حتى الآن، كان رد الفعل المجتمع العام تجاه أنشطتنا إيجابيًا، على الرغم من أن تطاوين معروفة بأنها واحدة من أكثر المناطق محافظة في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسات المحلية متعاونة للغاية كما أن العائلات تدرك أهمية ما يجري القيام به".

ولذلك، قرر القيمون على المشروع توسيع نشاطاتهم من أجل تحقيق الاستدامة. وهنا يشرح لنا سيورتينو "في الفترة القادمة، سنعمل على إنشاء شبكة التوزيع والمبيعات. بدأت النساء بالمشاركة في معارض وأسواق محددة، لكننا نهدف إلى دعم بعض المدن التونسية بفضل شبكة صغيرة من المحلات المخصصة على وجه التحديد للمنتجات اليدوية وتحديدا تلك الخاصة بالعلامة التجارية "تطاوي". يبقى هدفنا الأهم السوق المحلي. وبعد ذلك، سنستهدف كل إمكانيات التصدير إلى أوروبا والدول العربية على سبيل المثال".