بحث
المخرجة المغربية مريم بن مبارك تنال استحسان الجميع وتؤكد تفوق المرأة العربية خلف الكاميرا

بالطبع ما زال الرجال يسيطرون على صناعة السينما في جميع أنحاء العالم، لكن بالنسبة للسينما العربية، تُبرز النساء مهاراتهن خلف الكاميرا أكثر فأكثر.

تحقق أمثال المخرجة السعودية هيفاء المنصور، الذي كان فيلمها الروائي "وجدة" هو أول فيلم من إخراج مخرجة سعودية، والمخرجة المغربية آن ماري جاسر التي حصل فيلمها الثالث "واجب" على متوسط تقييم بنسبة 77% من جانب النقاد، نجاحًا تجاريًا وعلى مستوى النقاد أيضًا. وكانت مريم بن مبارك آخر المنضمين لهذه القائمة، بعد فوز فيلمها "صوفيا" بجائزة أفضل سيناريو في مسابقة "نظرة ما" ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي لعام 2018.

وقالت بن مبارك، التي تبلغ من العمر 34 عامًا: "يجد الرجال الأكبر سنًا في صناعة السينما العربية صعوبة في التعامل مع مخرجة شابة، إنهم رجعيون. لم يكن إخراج فيلمي بهذه الصعوبة، إذ كان معظم فريقي من النساء؛ لذلك لم أشعر بالكراهية تجاه النساء، لكني شعرت بها لاحقًا. شعرت بها أكثر خلال العمل الترويجي. أحيانًا عندما يكون عليك مقابلة شخص ذي نفوذ في الصناعة، يمكنك الشعور بالكراهية".

ودرست بن مبارك، التي وُلدت في العاصمة المغربية الرباط، اللغة العربية في إحدى أكبر الجامعات بالعاصمة الفرنسية باريس، قبل دراسة السينما في العاصمة البلجيكية بروكسل. عندما كانت في بلجيكا، أخرجت بن مبارك العديد من الأفلام القصيرة، عُرض اثنان منها –وهما فيلم "نور" الذي أُصدر عام 2013 وفيلم السيرة الذاتية "جنة" الذي أُصدر عام 2014- في عدد من مهرجانات السينما العالمية ورُشح فيلم "جنة" للفوز بجائزة الأوسكار.

وتابعت بن مبارك، التي عملت ممثلة لمدة عام واحد قبل التزامها بأن تصبح مخرجة، قائلةً: "لقد شجعني ذلك على إخراج فيلم روائي".

ويتناول فيلمها الروائي الأول "صوفيا" قصة فتاة مغربية غير متزوجة تبلغ من العمر 20 عامًا، تدرك متأخرًا أنها حامل عندما تفاجئها آلام المخاض. وبعد الولادة، يمنحها المستشفى مهلة 24 ساعة لتحديد هوية الأب قبل إبلاغ السلطات عنها.

وقالت بن مبارك، كاتبة ومخرجة الفيلم الذي صُور في مدينة الدار البيضاء التي تعد المركز الاقتصادي للمغرب: "تدور أحداث فيلم صوفيا في إطار اجتماعي تشويقي قبل أن يتحول إلى دراسة اجتماعية". وكانت بن مبارك حريصة في تقديم الفيلم حتى لا تتعرض للانتقادات أو تخالف شروط الرقابة.

وتابعت قائلةً: "لم أكن أرغب في تقديم فيلم يتحدث فقط عن وضع المرأة في المغرب، التي تُصوّر دائمًا بأنها ضحية نظام أبوي؛ لأننا لا يمكننا التحدث عن وضع المرأة في المجتمع دون التحدث عن المجتمع نفسه". وبالإضافة إلى شخصية الفيلم الرئيسية "صوفيا"، هناك أبطال الفيلم "لينا" وهي ابنة عم صوفيا التي تنحدر من عائلة ثرية بفضل والدها الفرنسي، ووالد الطفل "عمر"، وهو شاب عاطل عن العمل يقيم في حي فقير  ويجد نفسه الآن مضطرًا للزواج من أم طفله.

 

وأوضحت بن مبارك قائلة: "في النهاية، تكون صوفيا أكثر وعيًا من لينا بالواقع عندما يتعلق الأمر بالمخاطر الاجتماعية والاقتصادية التي تترتب على هذا الحمل والزواج. تنظر لينا إلى صوفيا كضحية، لكن صوفيا ترفض أن تكون كذلك. ترتبط النسوية ووضع المرأة بالوضع الاقتصادي، إذ تتمتع النساء الثريات بحرية أكبر بكثير من النساء اللاتي تنتمي إلى الطبقات الأفقر، وأردت أن أعرض ذلك في الفيلم".

بلغت ميزانية فيلم صوفيا 850 ألف يورو، لكن هذا المبلغ كان أقل 300 ألف يورو من الميزانية التي استهدفتها بن مبارك؛ مما أجبرها على تقليل نفقات بعض جوانب الإنتاج".

وقالت بن مبارك: "آمل أن يجد الجمهور أشياءً تشبهه في هذه القصة؛ لأنني كنت أقصد أن تصل الفكرة إلى الجميع قدر الإمكان. كنت حريصة للغاية أيضًا على تجنب الصور النمطية".

وتعكف بن مبارك حاليًا على كتابة سيناريو فيلمها القادم، الذي سيجري تصويره في فرنسا.

وعن ذلك قالت بن مبارك: "أشعر بالاهتمام تجاه القضايا الاجتماعية في كل من المغرب وفرنسا".

وعادة ما تستغرق بن مبارك نحو ستة أشهر لكتابة سيناريو، بعد أن تقضي العديد من الشهور في التخطيط ذهنيًا لقصتها.

واختتمت بن مبارك حديثها قائلةً: "كانت فكرتي واضحة للغاية في فيلم صوفيا. أقضي الكثير من الوقت للتفكير في كل جوانب النص قبل أن أبدأ الكتابة؛ لأنه إذا لم تكن فكرتي واضحة وبدأت الكتابة، أدرك أنها ستستغرق وقتًا أطول بكثير وسأضل طريقي بحثًا عن شخصياتي وقصتي. لا يمكنني الكتابة إذا لم تتشكل بداية الفيلم ونهايته بالكامل في ذهني".