بحث
"الترجمة" لتحسين ظروف اللاجئين

ويصطدم اللاجئون الراغبون في تطوير مهاراتهم بجملة تحديات أبرزها أن معظم المواد التعليمية المتاحة على الانترنت تتوفر باللغة الإنجليزية فقط، ما يستدعي ترجمتها إلى اللغة العربية نظرا لما تمثله اللغة من حاجز يحول دون الوصول إلى المعلومات، وهو ما قررت معه شركتي "ترجمة" و "كورسيرا" المتخصصة بتقديم الدورات عبر الإنترنت بترجمة الدورات التدريبية الموجهة إلى اللاجئين مجانا.

 

المسؤولية المجتمعية

وتشكل هذه المبادرة جزءا من المسؤولية المجتمعية لشركات القطاع الخاص من أجل تحسين فرص اللاجئين باكتساب المهارات المطلوبة للعمل، حيث تم من خلالها ترجمة نحو نصف مليون كلمة بواقع 23 دورة تدريبية على مدى 6 أشهر، من أجل تعزيز فكرة أن مساعدة اللاجئين لا تقتصر على إرسال الملابس والغذاء لا بل أن الدعم التعليمي لهم لا يقل أهمية عن ذلك.

في السياق، تقول نور الحسن، الرئيسة التنفيذية لشركة ترجمة: "إن هذه المبادرة جاءت من أجل دعم أكثر الفئات حرمانًا وعرضة للمخاطر، وإحداث تأثير اجتماعي فاعل وملموس"، مضيفة: "هذا أقل ما يمكننا فعله لأناس فقدوا كل شيء، من منازلهم وممتلكاتهم وسبل عيشهم وأصبح عليهم البدء بحياتهم من جديد".

وتتمثل الدورات التدريبية التي تمت ترجمتها في مجالات "إدارة وريادة الأعمال"، "ومهارات الكتابة والتواصل"، والشؤون المالية لغير الماليين"، و"أهمية الإنصات الفعال"، و"إدارة المشاريع: أساسيات النجاح"، باعتبارها من أهم الأولويات في مجالات التدريب للاجئين، بالتعاون مع عدد من المنظمات الخاصة بمساعدة اللاجئين، ومنها مؤسسة "كيرون" والتي تتخذ من الأردن مقرا لها.

Coursera2

صقل المهارات للعمل

وفي هذا الإطار، تقول دافني مولدر، منسقة المناهج الدراسية في مؤسسة كيرون الأردن إن "العائق اللغوي يعتبر واحدًا من أبرز المعوقات التي يواجهها اللاجئون الذين يحاولون الوصول إلى التعليم العالي في الدول التي يلجؤون إليها"، مضيفة أن "الدراسة تصبح أكثر سهولة على الطلاب اللاجئين بعد توفير ترجمات للدورات التدريبية المفتوحة على الإنترنت". 

وتابعت مولدر: "أن من شأن التدريب المقدم أن يساعد اللاجئين في اكتساب وصقل المهارات المطلوبة للعمل، ما سيمكّنهم من إيجاد فرص العمل في الدول المضيفة لهم، أو تأسيس أعمال، وشركات ناشئة خاصة بهم".

وتؤكد مترجمات يشاركن في مشروع الترجمة لمساعدة اللاجئين أن هذا المشروع وانطلاقا من مسؤوليتهن الاجتماعية أسهم استثمار قدراتهن وإمكانياتهن في الترجمة من أجل خدمة أكثر القضايا الإنسانية إلحاحا، وهي قضية اللجوء التي تعتبر من أبرز معوقات التنمية إن لم يتم استغلال طاقات وقدرات اللاجئين.

وبينت المترجمات العاملات في المشروع أنهن ساهمن في هذا المشروع من أجل مساعدة اللاجئين على التعافي من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها على مستوى العالم، الذي سجل العام الماضي نحو أكثر من 65 مليون لاجئ ولاجئة، وهو أعلى رقم منذ العام 1992، وفق عدد من التقارير لمنظمة الأمم المتحدة التي قالت أيضا إن "معدل قدرة اللاجئين على العودة بأمان إلى أوطانهم في أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثة عقود وهو ما يفاقم من مشكلتي الفقر والبطالة وعدم العيش بأمان".

وتقول نوف السحيباني، إحدى المترجمات المشاركات في المشروع: "لقد كان من دواعي فخري العمل في مشروع يهدف إلى خدمة اللاجئين حول العالم. لقد شعرت بأن لدي مهمة عظيمة عليّ إنجازها وهي خدمة اللاجئين ومساعدتهم على الخروج من الأزمة التي يعانون منها من خلال مهاراتي وقدراتي على الترجمة".

وأيدتها في ذلك زميلتها سهام بصراوي، وهي مترجمة أخرى في المشروع، قائلة: "لقد كانت تجربة مثيرة، ليس فقط لإثبات مهارتي اللغوية، وإنما لاستغلالها في خدمة قضية اجتماعية، وهي خدمة اللاجئين من خلال ترجمة المواد والمحاضرات الجامعية اللازمة لدراساتهم".

وتابعت: "قد يرى كثيرون أن مساعدة اللاجئين تقتصر على إرسال الملابس والغذاء فحسب، لكني أعتقد أن الدعم التعليمي لهم لا يقل أهمية عن ذلك، فالمساعدة بهذا الشكل هي أفضل وسيلة حتى يتعافوا من آثار الوضع الصعب الذي يواجهونه".